من يتابع موقف دولة الإمارات العربية المتحدة من القضية الفلسطينية، والذي مثّله وعبّر عنه والدنا الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، لا يستطيع على الإطلاق إنكار مركزية تلك القضية بالنسبة لنا. فقد أكد مراراً وتكراراً أن (القضية الفلسطينية هي قضية الأمة العربية المركزية الأولى، وأن السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط لن يتحقق إلا بعودة الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني) والتاريخ يشهد بما قدمه «غفر الله له» من دعم لفلسطين شعباً ودولة، واستمر على ذات النهج صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وما لغة الأرقام إلاّ دليل دامغ على ذلك، فمنذ تأسيس دولة الإمارات ومساعداتها لفلسطين لم تتوقف، وبين عامي 2013 و2018 قدمت دولتنا ما يزيد على 489 مليوناً على هيئة دعم، ومشاريع اقتصادية، وتنموية.
إن القضية الفلسطينية (جوهرية بالنسبة للأمتين العربية والإسلامية) كما أكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، وذلك في ختام أعمال الدورة الـ46 لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، و(دولة الإمارات ملتزمة بدعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»)، وحينها دعا المجتمع الدولي للوفاء بالتزاماته تجاه القضية الفلسطينية واللاجئين الفلسطينيين، ومن هنا فإن لا أحد يستطيع المزايدة على موقف الإمارات من مسألة دعم حق الشعب الفلسطيني في العيش الكريم الآمن على ترابه وأرض دولته المستقلة التي عاصمتها القدس الشرقية.
لا شك أن القارئ للتاريخ يدرك أن عشرات الفرص قد أتيحت لحل قضايانا ومشكلاتنا المزمنة، وأهمها قضية فلسطين التي هي قضية الأمة الكبرى، لكنها أُهدرت، وأضاع الفلسطينيون بمواقفهم فرصاً عدةً كانت مهيأة لتأسيس دولتهم، وكان أولها موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر 1947م على القرار رقم (181) الذي تضمن خطة لحل الصراع تقضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين: يهودية وعربية، ووفق الخطة فإن الدولة العربية التي تضم مدينة يافا تبلغ مساحتها حوالي 43% من فلسطين التاريخية، أما الدولة اليهودية فتحصل على حوالي 56% من مساحة الأراضي الفلسطينية متضمنةً صحراء النقب. أما القدس وبيت لحم فتبقيان تحت الوصاية الدولية، نظراً لأهميتهما الدينية.
غير أن العرب رفضوا القرار الذي ارتأوا بأنه غير عادل ولا يُنصف القضية أو الفلسطينيين، وخاضوا في سبيل فلسطين حرب الـ 48، وفشلوا في استرداد الأرض، ووافقوا عام 1949على توقيع اتفاقات الهدنة التي نصت على أن حدود إسرائيل ستبلغ 78% من مساحة فلسطين. لكن في عام 1967م احتلت إسرائيل سيناء، وغزة، والقدس الشرقية، والضفة الغربية ومرتفعات الجولان، ليصل عمقها الاستراتيجي إلى 300 كم في الجنوب، و60 كم في الشرق، و20 كم في الشمال.
ثم توالت فرص أخرى لحل القضية لكنها أيضاً ضاعت، إلى أن جاءت فرصة جيدة بعد نصر أكتوبر، وذلك عندما توجه السادات إلى الكنيست الإسرائيلي في 20 نوفمبر 1977م، وهناك قدم إطاراً لحل المشكلة الفلسطينية ولاسترداد كافة الأراضي المحتلة وفق قرارات الأمم المتحدة (242) و(338)، حينها لم تكن المستوطنات في الضفة وغزة سوى 18 مستوطنة، وكان من السهل إزالتها كما حدث في سيناء، لكن الفلسطينيين آنذاك رفضوا المفاوضات، وظل مقعدهم في مؤتمر «مينا هاوس» الذي عقد في القاهرة في ديسمبر 1977م شاغراً.
توالت المحن، وتنامت المشكلات التي تحاصر القضية الفلسطينية، بدءاً من «أيلول الأسود» في الأردن، إلى لبنان الذي خرجت منها منظمة التحرير الفلسطينية عام 1982م، بعد جملة من الأسباب والظروف التي بدأت بالاغتيالات التي نفذتها إسرائيل بحق قيادات من المنظمة في منتصف السبعينيات، ثم وقوع مجزرتي الكرنتينا وتل الزعتر، إلى جانب تغوّل بعض قيادات المنظمة في الفساد، وصولاً إلى حادثة عين الرمانة التي فجّرت الأزمة بين الفلسطينيين واللبنانيين، ومن ثم تورط الفلسطينيين لاحقاً في الحرب اللبنانية – اللبنانية التي انتهت بأحداث مأساوية من بينها الاجتياح الإسرائيلي لبيروت، وعلى إثرها غادر ياسر عرفات ومنظمته الأراضي اللبنانية وذهبوا إلى بلدان أخرى لتؤويهم.
كما أن شرخاً كبيراً أصاب المنطقة العربية، عقب غزو صدام حسين للكويت الذي أيده ياسر عرفات، فدفع الفلسطينيون ثمناً آخر أضيف إلى جملة الأثمان التي دفعوها سابقاً. حيث غادر أكثر من نصف مليون فلسطيني الكويت، وفقدت منظمة التحرير الفلسطينية مصداقيتها، وتراجع دعمها كثيراً. وبعد كل تلك الخسارات انتهى المطاف بتوقيع اتفاق أوسلو 1993م من قبل ياسر عرفات، والذي نص في أحد بنوده على إقامة حكم ذاتي فلسطيني لـ22% من مساحة فلسطين لم يحصلوا عليها حتى الآن.
هذا بعض ما دوّنه التاريخ، أستعيده هنا علّنا نستلهم شيئاً من الحكمة. بالطبع لن ينفع البكاء على اللبن المسكوب. ومخلصاً أقول لأهلنا وأصدقائنا من أبناء الشعب الفلسطيني: حسمتم خياركم ورفضتم لقاء المنامة، لكن إسرائيل مستمرة في تغيير المعطيات على الأرض، وصادقاً أسألكم: ألا تظنون أن الوقت قد حان لتضعوا حداً لمعاناتكم ولتصححوا أوضاعكم؟ أليس عليكم أن ترتّبوا بيتكم من الداخل عاجلاً قبل أن تبددوا حتى الأشقاء والأصدقاء. نعم.. لديكم حقوق مشروعة، لكن السياسة يا أهلنا هي فن الممكن. وما لا يُدرك كله لا يُترك جلّه.
إن القضية الفلسطينية (جوهرية بالنسبة للأمتين العربية والإسلامية) كما أكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، وذلك في ختام أعمال الدورة الـ46 لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، و(دولة الإمارات ملتزمة بدعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»)، وحينها دعا المجتمع الدولي للوفاء بالتزاماته تجاه القضية الفلسطينية واللاجئين الفلسطينيين، ومن هنا فإن لا أحد يستطيع المزايدة على موقف الإمارات من مسألة دعم حق الشعب الفلسطيني في العيش الكريم الآمن على ترابه وأرض دولته المستقلة التي عاصمتها القدس الشرقية.
لا شك أن القارئ للتاريخ يدرك أن عشرات الفرص قد أتيحت لحل قضايانا ومشكلاتنا المزمنة، وأهمها قضية فلسطين التي هي قضية الأمة الكبرى، لكنها أُهدرت، وأضاع الفلسطينيون بمواقفهم فرصاً عدةً كانت مهيأة لتأسيس دولتهم، وكان أولها موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر 1947م على القرار رقم (181) الذي تضمن خطة لحل الصراع تقضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين: يهودية وعربية، ووفق الخطة فإن الدولة العربية التي تضم مدينة يافا تبلغ مساحتها حوالي 43% من فلسطين التاريخية، أما الدولة اليهودية فتحصل على حوالي 56% من مساحة الأراضي الفلسطينية متضمنةً صحراء النقب. أما القدس وبيت لحم فتبقيان تحت الوصاية الدولية، نظراً لأهميتهما الدينية.
غير أن العرب رفضوا القرار الذي ارتأوا بأنه غير عادل ولا يُنصف القضية أو الفلسطينيين، وخاضوا في سبيل فلسطين حرب الـ 48، وفشلوا في استرداد الأرض، ووافقوا عام 1949على توقيع اتفاقات الهدنة التي نصت على أن حدود إسرائيل ستبلغ 78% من مساحة فلسطين. لكن في عام 1967م احتلت إسرائيل سيناء، وغزة، والقدس الشرقية، والضفة الغربية ومرتفعات الجولان، ليصل عمقها الاستراتيجي إلى 300 كم في الجنوب، و60 كم في الشرق، و20 كم في الشمال.
ثم توالت فرص أخرى لحل القضية لكنها أيضاً ضاعت، إلى أن جاءت فرصة جيدة بعد نصر أكتوبر، وذلك عندما توجه السادات إلى الكنيست الإسرائيلي في 20 نوفمبر 1977م، وهناك قدم إطاراً لحل المشكلة الفلسطينية ولاسترداد كافة الأراضي المحتلة وفق قرارات الأمم المتحدة (242) و(338)، حينها لم تكن المستوطنات في الضفة وغزة سوى 18 مستوطنة، وكان من السهل إزالتها كما حدث في سيناء، لكن الفلسطينيين آنذاك رفضوا المفاوضات، وظل مقعدهم في مؤتمر «مينا هاوس» الذي عقد في القاهرة في ديسمبر 1977م شاغراً.
توالت المحن، وتنامت المشكلات التي تحاصر القضية الفلسطينية، بدءاً من «أيلول الأسود» في الأردن، إلى لبنان الذي خرجت منها منظمة التحرير الفلسطينية عام 1982م، بعد جملة من الأسباب والظروف التي بدأت بالاغتيالات التي نفذتها إسرائيل بحق قيادات من المنظمة في منتصف السبعينيات، ثم وقوع مجزرتي الكرنتينا وتل الزعتر، إلى جانب تغوّل بعض قيادات المنظمة في الفساد، وصولاً إلى حادثة عين الرمانة التي فجّرت الأزمة بين الفلسطينيين واللبنانيين، ومن ثم تورط الفلسطينيين لاحقاً في الحرب اللبنانية – اللبنانية التي انتهت بأحداث مأساوية من بينها الاجتياح الإسرائيلي لبيروت، وعلى إثرها غادر ياسر عرفات ومنظمته الأراضي اللبنانية وذهبوا إلى بلدان أخرى لتؤويهم.
كما أن شرخاً كبيراً أصاب المنطقة العربية، عقب غزو صدام حسين للكويت الذي أيده ياسر عرفات، فدفع الفلسطينيون ثمناً آخر أضيف إلى جملة الأثمان التي دفعوها سابقاً. حيث غادر أكثر من نصف مليون فلسطيني الكويت، وفقدت منظمة التحرير الفلسطينية مصداقيتها، وتراجع دعمها كثيراً. وبعد كل تلك الخسارات انتهى المطاف بتوقيع اتفاق أوسلو 1993م من قبل ياسر عرفات، والذي نص في أحد بنوده على إقامة حكم ذاتي فلسطيني لـ22% من مساحة فلسطين لم يحصلوا عليها حتى الآن.
هذا بعض ما دوّنه التاريخ، أستعيده هنا علّنا نستلهم شيئاً من الحكمة. بالطبع لن ينفع البكاء على اللبن المسكوب. ومخلصاً أقول لأهلنا وأصدقائنا من أبناء الشعب الفلسطيني: حسمتم خياركم ورفضتم لقاء المنامة، لكن إسرائيل مستمرة في تغيير المعطيات على الأرض، وصادقاً أسألكم: ألا تظنون أن الوقت قد حان لتضعوا حداً لمعاناتكم ولتصححوا أوضاعكم؟ أليس عليكم أن ترتّبوا بيتكم من الداخل عاجلاً قبل أن تبددوا حتى الأشقاء والأصدقاء. نعم.. لديكم حقوق مشروعة، لكن السياسة يا أهلنا هي فن الممكن. وما لا يُدرك كله لا يُترك جلّه.